قامت شبكة جيل 962 بعقد تدريب للمدربين خلال الشهر الماضي، جمعت فيه عدداً من المتطوعين الشباب من محافظات الوسط، لتدريبهم على حقيبتها الأساسية “دليل الشباب للمشاركة الفاعلة”. كان حمزة عصفور البالغ من العمر 20 عاماً، أحد المتدربين الذين سنحت لنا الفرصة للتعرف عليهم عن كثب والحديث معهم عن عدة مواضيع، كان التطوع أحدها.
“بدأت بالتطوع عندما كنت طالباً في التوجيهي خلال شهر رمضان. كانت الفكرة أن أتطوع خلال الشهر الفضيل فقط، ولكن التطوع أعطاني شعورًا رائعًا دفعني للاستمرار فيه. وعندما قررت الدخول فعلاً في هذا المجال، دخلته بقوة. فقد أسست أنا وسبعة من أصدقائي فريقاً تطوعياً أسميناه “لسه فينا خير” وأنجزنا الكثير وتوسعنا خارج محافظتنا، الزرقاء. يمتلك فريقنا حالياً 150 متطوّعًا في الزرقاء، و35 في عمان، و35 في عجلون، و20 في جرش، ولا نزال نطمح بمزيد من التوسّع وأن نصل لباقي المحافظات بهمة شباب سنحت لهم فرصة للتطوع.” هذا ما قاله حمزة عند سؤاله عن بداياته في التطوع وسبب استمراره فيه.
ولكن كالعديد من المتطوعين، يواجه حمزة بعض الصعوبات عندما يتعلق الأمر بالتطوع، وخاصة في الزرقاء: “أول المصاعب التي واجهتنا كانت عدم تقبّل أهالي الزرقاء، وخاصة سكان المناطق الشعبية، فكرة التطوّع. فمعظم الشباب لهم ميول أخرى، ولكنني أحببت التطوع كثيراً وأردت أن أدمج الشباب فيه حتى يقوموا باستغلال أوقات فراغهم بأعمال تفيدهم وتفيد غيرهم. واجهنا صعوبة في البداية بإقناع الأهالي بالسماح لبناتهم في التطوّع معنا، فنحن نحتاج إلى جهودهن أيضًأ. في البداية، كنا فريقاً من الشباب فقط، ثم بدأت الفتيات بالمشاركة معنا، ولكن أغلبهن لم يتمكن من الاستمرار لأن أهالهيهن كانوا يمانعون ذلك. لحل هذه المشكلة، قمنا بعقد اجتماع كبير جداً، دعونا له جميع أهالي المتطوعين، وبالذات أهالي الفتيات. قمنا خلال الاجتماع بعرض فيلم قصير يوضّح ما نقوم به كمجموعة تطوعية، وإنجازاتنا، وخططنا المستقبلية، وأهمية مشاركة الفتيات معنا. نتيجة لذلك، اقتنع الأهالي بفكرتنا، وأصبحوا أيضاً يشجعون أولادهم على التطوع معنا ويتطوعون بأنفسهم أيضًا. وعندما كنا نقوم بإفطارات تطوعية، كانوا هم من يقومون بطهي وتوفير الطعام، ويعطون المتطوعين النقود للمساهمة والاشتراك معنا.”
أما ثاني المصاعب كانت إيجاد الدعم والتمويل، فكأي فريق تطوعي، لم يجد فريق “لسه فينا خير” ذلك بسهولة. “نحن نقوم بالعديد من النشاطات، ونحتاج إلى من يدعمنا، ولما لم يكن الحصول على ذلك سهلاً، قررنا أن نقوم نحن بتوفير ما نحتاجه بأنفسنا. نظرًا لعددنا الكبير، قمنا بإنشاء عدد من المشاريع الصغيرة، منها البيع عن طريق الإنترنت، وفرقة تقوم بالمشاركة في حفلات أعياد الميلاد للرسم على الوجوه وغيرها من النشاطات، بالإضافة إلى أن المتطوعين أنفسهم كانوا يشاركوا في الدعم عن طريق المساهمة بمصروفهم الشخصي. هكذا استطعنا تمويل مبادرتنا خلال السنة والنصف الماضية، والمبالغ التي قمنا بصرفها خلال هذا الوقت تصل إلى 25 ألف دينار بحمد الله، وهذا كله من مجهود وطاقات الشباب المتطوعين معنا فقط.” يقوم الفريق حالياً بدفع أجار مقرهم ودفع كل الفواتير المتعلقة بذلك من النقود التي يقومون بجمعها معاً.
جميع المصاعب التي ذكرها حمزة كانت أمور تواجهها معظم الفرق التطوعية بين وقت وآخر، ولكن أصعب ما مر به فريق “لسه فينا خير” كان وفاة أحد الأعضاء المؤسسين، عادل المومني، بحادث سير. أثر ذلك على الفريق كثيرًا. وفي ذلك الوقت العصيب، أوشك حمزة أن يترك المبادرة:
“لقد عرفت عادل طوال حياتي، فقد كبرنا معًا وأسسنا هذا الفريق معًا، وكان من أكثر المتطوعين نشاطًا وإخلاصًا. أوشكت وقتها على ترك الأعمال التطوعية ككل، فقد كان من الصعب جدًا علي التطوع بدونه. قبل وفاته بأسبوع، كنا نتحدث عن خططنا المستقبلية، وكانت إحدى أمنياته هي توسع المبادرة.”
أثرت وفاة عادل على الكثيرين، سواء كانوا من سكان محافظة الزرقاء أو من المحافظات المجاورة. فقد شهد العديد من الناس سيرته الحسنة وأعماله التطوعية التي أثرت على الكثيرين. وبعد وفاته، أدرك الشباب أن ما سيتبقى منهم هو سيرتهم وما يبذلونه في مساعدة الآخرين. وكان هذا سببًا أساسيًا في تحقق أمنية عادل في توسّع مبادرتهم، فقد كان عدد أعضاء الفريق 35 متطوعًا ومتطوعة، ولكن بعد وفاته زاد العدد بشكل كبير، وكان يصل إلى الفريق ما بين 50 إلى 60 طلب مشاركة يومياً.
حمزة شاب شغوف جداً بالتطوّع، فكل ما مر به فريقه من صعوبات وتحديات علّمته الكثير وجعلته أقوى. الرسالة التي يود إيصالها هي أن الشباب يمتلكون طاقات هائلة، لو تم توظيفها بالطريقة الصحيحة، سنتمكن كلنا من تحسين العالم بشكل أو بآخر. تفتخر شبكة جيل 962 بحمزة وإنجازاته، ونتمنى له نحن في تك ترايبز أيضًا مزيدًا من النجاحات والإنجازات الرائعة.