لم تعلم معلّمات مدرسة الربيّع بنت المعوّذ ما كان بانتظارهن بعد افتتاح مركز التعليم الامنهجي في أوائل سنة ٢٠١٦، في محيط يفتقر للامكانيات والبنية السليمة لاحتضان أي مبادرة للتغييرفي ظل الضغوطات التي تفرضها الأزمة السوريّة والأعداد المتزايدة للطلبة الطامحين بتأمين مقعد دراسي فيمثل هذه الظروف، إلى أن أتت مجموعة من المعلّمات اللاتي تحدين الظروف وأكّدن أن النمو للأفضل يبدأ بخطوات بسيطة.
أطلقت منظمة تك ترايبز بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو) وبدعم سخي من الحكومة الفنلندية مشروع “مركز التعليم اللامنهجي” في مدرسة الربيع بنت المعوّذ في محافظة المفرق في أوائل شهر يناير ٢٠١٦. بدأ التنفيذ على الفور باستغلال مختبرات الحاسوب التي تم تجهيزها بالكامل لاستقبال المعلّمين والطلّاب على حد سواء. كخطوة أولى، وللتأكيد على أهميّة التكنولوجيا وشبكة الانترنت كقناة فاعلة للاتصال، والتواصل، والأهم من ذلك، الوصول للمعلومة، قامت عدد من المعلّمات بخوض تجربة تدريبية فريدة من نوعها في استكشاف أفضل الممارسات لدمج التكنولوجيا في العمليّة التعليميّة، وكيف يعود ذلك بالأثر الإيجابي على التفاعل، والتحصيل العلمي، وحل المشكلات عند الطلاب في بعض الأحيان.
عمل التدريب الذي استهدف ١٢ معلّمة تم اختيارهن بناءً على معرفتهن المحدودة في توظيف التكنولوجيا في الغرفة الصفيّة على بناء قدرات المعلمات بالإضافة إلى أمينة المكتبة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال، لتفعيل استخدام شبكة الانترنت وتطبيقاتها المختلفة في خلق بيئة تعلميّة قادرة على خلق التفاعل وتعزيز المشاركة بين الطلبة. حيث وجّهت تك ترايبز اهتماماً خاصاً بمختبرات الحاسوب، بهدف إيجاد فضاء من التعلّم الفريد والذي يلبي احتياجات المدرسة والمجتمع، مثل التماسك، وتعزيز الحوار، والمشاركة، وحق الوصول للمعلومة.
خاضت برديس عويدات، معلّمة فنون طامحة للتغيير وخلق بيئة تحفيزيّة من خلال توظيف تقنيات تعلميّة جديدة، التجربة التدريبيّة لتؤكّد أن تطوير الذات بهدف التعلّم ونقل المعرفة للآخرين يجب أن يكون رسالة كل معلّم ومعلّمة. تقول عويدات: ” كانت رحلتي في التعلّم مثمرة وممتعة. فقداستثمرت وجودي في التدريب كمعلّمة فنون لأستكشف طرق لم أكن أعرفها لاستغلال العديد من التطبيقات والمواقع المختلفة، بهدف إثراء البيئة الصفيّة. أنا لا زلت أتعلّم، فالموضوع جديد بالنسبة ليظن ولكن يمكنني وبفخر أن أقول أنني لم أعد بنظر طلابي معلّمة الفن التقليديّة التي تستخدم المقصات وأقلام التلوين.”
خالد حجاب، المدير التنفيذي لمنظمة تك ترايبز والمشرف على التدريب صرح قائلاً: “تهدف جهودنا التي تسلط الضوء على الآليات المختلفة لدمج التكنولوجيا إلى تحسين التعليم وتعزيز التشاركيّة داخل الغرفة الصفيّة. ولم تكن لتلاقي هذا النجاح دون الحماس المقابل من مجموعة المعلّمات اللواتي تبنّين الفكرة. فلولا هذه الدافعيّة للتعلّم، لما كان باستطاعتنا تحقيق أهداف هذا التدريب. إن رقمنة التعليم والابتكار فيه تأتي من فكرة جديدة، ولكن الأهم من ذلك هو إيجاد المعلّم الذي يطمح للتطوير من ذاته وقدراته.”
يتكون “مركز التعليم اللامنهجي” من مختبرين للحاسوب ومكتبة تم تجديدها بالكامل بكل ما يلزم من أدوات سمعيّة وبصريّة تفاعليّة بهدف تعزيز قدرات المعلمين والطلبة على حد سواء، من خلال مشاركتهم في تطبيق مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصال أثناء الحصة الصفية، وتفعيل دور المكتبة بحيث تكون جزءاً أساسياً من وسائل التعليم اللامنهجي، وذلك لتعزيز المهارات الشخصية والاجتماعية التي تؤكد على مفهوم التعاون القائم على المشاركة، والتفاهم، واحترام الحقوق.
كما يهدف مركز التعليم اللامنهجي إلى تحويل بيئة التعلم المدرسي لتصبح قائمة على التعاون والتفاهم المتبادل بين الطلاب، والمعلمين، والأهل. بالإضافة إلى التوسع في استخدام المساحات الموجودة لتطوير قدرات المعلمين وأمناء المكتبات لمساعدتهم في لعب دور أكبر في تعزيز استخدام المنهجيات المتنوعة في التعليم غير النظامي، لإثراء تجربتي التعلّم والتعليم.